حياة الفهد… أجمل حياة
علّمتنا الحياة أنها شريط والذكرى محتواه، والماضي صفحة والحاضر طواه، والفراق ألم واللقاء دواه. علّمتنا الحياة أن نتفاءل مهما طالت الرحلة على متن قطار الأحزان، إلا أنه سيقف ذات يوم في محطة السعادة، كما علمتنا حياة الفهد أنها فنانة شامخة بعنفوان المرأة وكبريائها، رسّخت خلال مسيرتها الفنية وجودها وتألقها ونفحت أدوارها بأريج من خصوصيتها، فأوجدت لنفسها هويتها الفنية المتميزة، لا تقبل التنازلات في فنها، عكست عبر ما قدمته من شخصيات الدور الواعي للفنان الساعي للوصول إلى عمق وجدان المشاهد. ليس في قاموسها كلمة مستحيل لأنها تؤمن بأهمية الفن وبمتعته، لذلك هي دائمة التجدد والعطاء، هي الفنانة التي عجز الزمان أن يحدّ من طموحها أو أن يقلّص من حلمها.
منذ ظهورها الأول، وهي تؤكد على ابتكارها لأسلوب أداء مغاير، هي من نضحك معها حين تبتسم، وهي من تبكينا حين تحزن، فكل ما شاهدناه من أداء لافت للقديرة حياة الفهد كان في السياق الطبيعي والمعتاد والمتوقع، هي سيدة في التمثيل، مدرسة كبيرة لها قواعدها ودروسها، وما من واحدة من ممثلات الصف الأول في الخليج استطاعت أن تحدث هذا الفارق في الأداء لتلتقي عندها قلوب المشاهدين وأقلام النقاد.
هناك أصدقاء وزملاء محفورون في ذاكرتها، وآخرون لا تنساهم العيون، وغيرهم لا يفارقون البال، ومنهم يسكنون القلب. ولعل القديرة حياة الفهد فقدت عدداً ممن رافقوها في مسيرتها في السراء وفي الضراء، في النجاحات وفي الإخفاقات، فما أصعب أن نبكي بلا دموع، وما أصعب أن نذهب بلا رجوع، وما أصعب أن نشعر بضيق، وكأنّ المكان من حولنا يضيق، فرؤية الأصدقاء الغائبين في الأحلام أشد أنواع اللقاء وجعاً، ومع ذلك استمرت «أم سوزان» بالتواجد من أجل جمهورها العريض، من دون الرضوخ لقانون تقدم العمر الذي لا يعرف التدخل من أجل الرجوع.
الحديث عن «أم سوزان» في هذا المقال ليس لأنها الفنانة التي أحببناها فقط، بل الأم التي لامستنا بمشاعرها الطيبة وتعاملها الراقي لمن حولها، وعلينا أن ندعو لها دائماً بالصحة والعافية والعمر المديد.
نهاية المطاف: ما أجمل الحياة… مع حياة.