منظمة التعاون الإسلامي.. محطات بارزة على مدى 55 عاما بينها قمة الكويت
محطات بارزة سجلتها منظمة التعاون الإسلامي منذ تأسيسها قبل 55 عاما في مواجهة تحديات متعددة ومواكبة التطورات العالمية بينها القمة التي استضافتها دولة الكويت عام 1987 لدعم جهود تحقيق السلام والاستقرار الإقليمي والدولي وحماية حقوق ومصالح الشعوب الإسلامية.
وتعد (التعاون الإسلامي) التي تحل ذكرى تأسيسها ال55 اليوم الأربعاء ثاني أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة اذ تضم في عضويتها 57 دولة موزعة على أربع قارات وتمثل الصوت الجماعي للعالم الإسلامي وتسعى الى حماية مصالحه والتعبير عنها دعما للسلم الدولي وتعزيزا للعلاقات بين مختلف شعوب العالم.
وتشارك دولة الكويت منذ مؤتمر القمة الإسلامي في الرباط الذي أقر إنشاء المنظمة في 1969 بفاعلية في اجتماعات المنظمة على مستويات القمة والاجتماعات الوزارية وفي عضوية اللجان والمؤسسات المتخصصة والأجهزة المتفرعة والمنتمية للمنظمة إيمانا منها بأهمية دورها في تعزيز العمل الإسلامي المشترك وتحقيق التكامل والشراكة بين الدول الاعضاء.
وتعد استضافة الكويت لمؤتمر القمة الإسلامي الخامس (دورة التضامن الإسلامي) في يناير 1987 محطة بارزة في مشاركات الكويت في إطار جهود تعزيز العمل الإسلامي المشترك.
وانعقدت القمة تلبية للدعوة الكريمة الموجهة من أمير دولة الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح آنذاك وعملا بالقرار الصادر عن مؤتمر القمة الإسلامي الرابع الذي عقد في الدار البيضاء بالمغرب في 1984.
وانتخب المؤتمر بالإجماع الامير الراحل رئيسا للقمة وألقى خطابا افتتاحيا رحب فيه باسم شعب الكويت وحكومتها وباسمه شخصيا بالقادة المشاركين وبشكل خاص بعودة مصر وبانضمام نيجيريا إلى المنظمة مؤكدا ان ذلك يدعم طاقات وقدرات المنطقة.
وقال “ان على المنظمة العمل من أجل وحدة البشرية وكرامة الإنسان والقضاء على التعصب” مطالبا بخفض نفقات التسلح وتحويل جزء من هذه النفقات للأغراض التنموية.
ودعا إلى التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب والعمل على التمييز بين الإرهاب والكفاح المشروع للشعوب من أجل حقها في تقرير مصيرها وحث العالم الإسلامي على السعي من اجل السلام وبناء غد مشرق للأمة الإسلامية مستمد من إيمانها بالله ومن تراثها الثقافي وكرامة الإنسان.
وبناء على اقتراح من رئيس السنغال آنذاك الرئيس عبدو ضيوف قرر مؤتمر القمة بالإجماع اعتبار الخطاب الافتتاحي الذي ألقاه الامير الراحل وثيقة رسمية من وثائق مؤتمر القمة.
ومن المحطات البارزة أيضا في مشاركات دولة الكويت في مسيرة منظمة التعاون الإسلامي استضافتها للدورة ال42 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في مايو 2015 تحت شعار (دورة الرؤية المشتركة لتعزيز قيم التسامح ونبذ الإرهاب) والتي انعقدت في وقت كانت فيه مختلف القضايا الحاسمة والصراعات تؤثر على دول العالم الإسلامي ككل.
وشهد افتتاح أعمال الدورة تكريم أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح من قبل الأمين العام للمنظمة آنذاك اياد مدني بمناسبة تسميته (قائدا للعمل الإنساني) وتسمية الكويت (مركزا للعمل الإنساني).
وأكد الأمير الراحل في كلمته الافتتاحية للدورة والتي عدت وثيقة رسمية من وثائقها ان انعقادها يأتي في ظل استمرار تحديات وظروف سياسية وأمنية بالغة الدقة يواجهها العالم بشكل عام ومحيطنا الإسلامي بشكل خاص داعيا إلى العمل سويا لمواجهتها.
وقال “لعل ما يواجهه عالمنا الإسلامي من محاولات بعض التنظيمات الإرهابية من رسم صورة لا تعكس حقيقة الإسلام متخذين فيها من الإسلام اسما والقتل والدمار وسيلة والإرهاب منهجا وترويع الآمنين أسلوبا حتى أضحت صورة المجتمع الإسلامي والفرد المسلم مرتبطة بتلك الأعمال الإجرامية الدنيئة”.
ودعا إلى تكثيف الجهود للتصدي لظاهرة الإرهاب التي باتت تهدد الأمن والاستقرار العالمي والنظر في الاحتقان الطائفي الذي بات يعصف بكيان الأمة الإسلامية ويفتتها مؤكدا أن هذه العصبية هي الأخطر على وجود الأمة.
واعتمد وزراء الخارجية ورؤساء وفود الدول الأعضاء في ختام أعمال الدورة (إعلان الكويت) الذي أكد على الالتزام الكامل بدعم اهداف ومبادئ منظمة التعاون الإسلامي بما ينعكس على الشعوب الإسلامية في تأمين مصالحهم المشتركة من خلال الإطار الثنائي وفي إطار المنظمة لتعزيز التضامن الإسلامي وتنسيق العمل الإسلامي المشترك.
وكان للكويت دور بارز في اقتراح انشاء تأسيس محكمة العدل الإسلامية في القمة الإسلامية الثالثة التي عقدت في مكة عام 1981 والتي تأسست في سنة 1987 لتكون الكويت مقرا رسميا لها والتي تهدف لان تكون حكما فيما قد ينشب بين الدول الإسلامية من منازعات.
وقرر المؤتمر إنشاء المحكمة وكلف الأمانة العامة بدعوة لجنة خبراء لصياغة نظامها الأساسي وانتهى الأمر بعد ست سنوات إلى إقرار نظام المحكمة خلال القمة الإسلامية الخامسة التي استضافتها الكويت في يناير 1987.
ومؤخرا تعمل الأمانة العامة مع دولة الكويت على تحديد أفضل السبل لضمان النصاب القانوني اللازم لإطلاق المحكمة في أقرب وقت ممكن.
وتعتبر دولة الكويت ثاني أكبر مساهم في منظمة التعاون الإسلامي بعد السعودية بنسبة مساهمة تبلغ 9 بالمئة ما يجسد التزام دولة الكويت بسداد مساهماتها الإلزامية تجاه المنظمة وأجهزتها المتفرعة لمساعدتها في القيام بمهامها الموكلة إليها.
ومنذ بدء الاحتلال الإسرائيلي حربه الدموية في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي لم تأل منظمة التعاون الإسلامي جهدا في استنهاض مسؤولية المجتمع الدولي تجاه إيقاف العدوان على الشعب الفلسطيني ووضع حد لسياسات الاحتلال الإسرائيلي ومحاسبته.
وعقدت المنظمة التي تضمن ميثاقها منذ التأسيس عهدا بالسعي لتحرير القدس من الاحتلال اجتماعا استثنائيا عاجلا مفتوح العضوية للجنة التنفيذية على مستوى وزراء الخارجية في الأيام الأولى من العدوان لتدارس التصعيد العسكري للاحتلال وتفاقم الأوضاع الانسانية في غزة ومحيطها بما يهدد المدنيين وأمن واستقرار المنطقة.
كما قامت المنظمة وبالعمل مع السعودية وجامعة الدول العربية بعقد قمة عربية اسلامية مشتركة غير عادية بشكل استثنائي في نوفمبر الماضي بالرياض استجابة للظروف الاستثنائية التي يشهدها القطاع وانبثق عنها تشكيل اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المكلفة بالتحرك الدولي لوقف الحرب على غزة.
وفي فبراير الماضي قدم الأمين العام للمنظمة وفريق قانوني مرافعة شفوية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي باسم المنظمة استعرض فيها جرائم الاحتلال التي يقترفها بحق الشعب الفلسطيني.
ودعت المنظمة عبر الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء الذي عقد بمارس الماضي بجدة إلى اتخاذ إجراءات فورية بمطالبة المجتمع الدولي بالضغط على سلطات الاحتلال للعمل على إدخال كافة المساعدات والاحتياجات الإنسانية غير المشروطة وغير المحدودة بنوع معين إلى القطاع بشكل فوري ومستدام والمشاركة في دعم هذه التحركات من قبل كافة الدول.
وطالبت عبر الدورة ال15 لمؤتمر قمة منظمة التعاون الإسلامي التي عقدت بعاصمة غامبيا (بانغول) بمايو الماضي دول العالم إلى التحرك من أجل وقف جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني وإنفاذ التدابير التي أمرت بها محكمة العدل الدولية في هذا الشأن.
ونادت في الندوة الدولية (القدس وحرب غزة) التي عقدتها مع لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف بمقر المنظمة بجدة في يوليو الماضي بضرورة استخدام الآليات القضائية الدولية المتاحة من أجل ردع سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومنعها من ارتكاب المزيد من الجرائم ووضع حد لحالة “الإفلات من العقاب” على انتهاكاتها المستمرة.
ودعت عبر الدورة ال50 لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي التي عقدت في أغسطس الماضي بالعاصمة الكاميرونية (ياوندي) إلى مواصلة بذل الجهود لمواجهة تداعيات العدوان الغاشم على الشعب الفلسطيني وتعزيز صموده في أرضه والدفاع عن حقوقه المشروعة.
وبالتزامن مع هذه التحركات انشأت الأمانة العامة للمنظمة مرصدا قانونيا لتوثيق الجرائم الإسرائيلية جنبا إلى جنب مع مرصد إعلامي لإظهارها وإشهارها في وسائل الإعلام المختلفة.
وأسست المنظمة بقرار صادر عن القمة الإسلامية التاريخية في العاصمة المغربية الرباط في 25 سبتمبر 1969 ردا على جريمة إحراق المسجد الأقصى في القدس المحتلة في ذلك العام.
وحملت المنظمة عند تأسيسها مسمى منظمة المؤتمر الإسلامي واستمرت كذلك حتى تقرر تغييره إلى اسم منظمة التعاون الإسلامي خلال اجتماع المجلس الوزاري ال38 الذي استضافته العاصمة الكازاخستانية (استانا) عام 2011.
وقرر أول مؤتمر اسلامي لوزراء خارجية الدول الأعضاء في المنظمة والذي عقد بمدينة جدة بالسعودية إنشاء امانة عامة للمنظمة يكون مقرها جدة حتى تحرير مدينة القدس المحتلة ويرأسها أمين عام للمنظمة.
ويعد الأمين العام الحالي حسين طه هو الأمين العام ال12 للمنظمة بعدما تولى منصبه في نوفمبر من عام 2021.
وخلال ما يزيد عن أربعة عقود بعد إنشاء المنظمة ارتفع عدد الأعضاء من 30 دولة وهو عدد الأعضاء المؤسسين ليبلغ 57 دولة عضوا حاليا.
وتنفرد المنظمة بشرف كونها جامعة لكلمة الأمة وممثلة للمسلمين في الدفاع عن القضايا التي تهم لما يقارب ملياري مسلم في مختلف انحاء العالم بالإضافة الى ارتباطها بعلاقات تعاون وثيقة مع الأمم المتحدة والمنظمات الحكومية الدولية بهدف حماية المصالح الحيوية للمسلمين والعمل على تسوية النزاعات والصراعات التي تكون الدول الأعضاء طرفا فيها الى جانب مواجهتها لممارسات التميي