حقوق النشر عبر أدوات الذكاء الاصطناعي
عندما ينشئ الفرد عملاً أصلياً ويحفظه في وسيط مادي يمتلك تلقائياً حقوق الطبع والنشر المرتبطة بهذا العمل، وتمنح ملكية حقوق الطبع والنشر لمالك الحق الحصري.
استخدام العمل مع تطبيق بعض الاستثناء كما هو وارد بنص المادة رقم ٢٧ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أعلنه المجلس العام للأمم المتحدة عام ١٩٤٨، على أن لكل شخص حق المشاركة الحرة في حياة المجتمع الثقافية وفي الاستمتاع بالفنون والإسهام في التقدم العلمي وفي الفوائد التي تنجم عنه.
وحيث إن حقوق الملكية الفكرية إقليمية بطبيعة الحال، فعندما تطلب الحماية في أي بلد فإن شروط الحماية تقرر حسب تشريع ذلك البلد، فحقوق الملكية الفكرية هي حقوق قانونية مطلقة، وعليه فمن الممكن الادعاء على أي شخص ينتهك حقوق النشر والتأليف.
لكن ذلك الحق أصبح مهدداً في ظل انتشار ظاهرة الذكاء الاصطناعي، فقد شهدت المحاكم بالعديد من بلدان العالم قضايا عديدة تتعلق بقيام مؤلفين برفع دعاوى لحماية حقوقهم لمواجهة الذكاء الاصطناعي الذي يستخدم أعمالهم لتوليد محتوى ومن ثم نشره.
وما زال هناك خلط ولغط كبير بخصوص ذلك، حيث إنه في العديد من بلدان أوروبا وأميركا الشمالية يميل القانون إلى تأييد الذكاء الاصطناعي، والبعض الآخر مثل فرنسا يرفض ويعتبر أن حقوق النشر لا يمكن الاستفادة منها إلا إذا كان العمل المعني أصلياً ويعبر عن شخصية المؤلف، وهذا يعني أن المؤلف شخص طبيعي حقيقي، وفي الولايات المتحدة رفض مكتب حقوق الطبع والنشر منح أي حقوق نشر لقصص فكاهية أنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وحيث إن حق المؤلف لا يتعلق بالنسخ بل بعمل نسخة، بمعنى أنه يجب أن يكون هناك جزء فعلي من العمل الأصلي في العمل المنسوخ ليعدّ ذلك انتهاكاً لذلك، فالنص الذي أنشأه الذكاء الاصطناعي قد يعتبر منتهكاً لحقوق الطبع والنشر إذا نسخ بالفعل نصاً أصلياً أو جزءاً جوهرياً منه.
ونظراً لما يشهده العالم من تقدم وتطور وانتشار ظاهرة الذكاء الاصطناعي، نجد أن المحتوى الذي يقوم المؤلف بتأليفه او ابتكاره أصبح مهدداً بنشره من قبل آخرين عن طريق الذكاء الاصطناعي، حيث يقوم أحدهم بإعادة استخدام المحتوى أياً كان ومن ثم تقديمه بشكل آخر غير السابق عليه العهد وعليه تتفاقم الأزمة.
والسؤال: من يمتلك حق النشر؟ هل المؤلف الأساسي الذي أبدع وابتكر المحتوى، أم من قام بإعادة نشره بشكل يختلف عن سابق عهده؟ ومن هنا يجب على المشرع سرعة التدخل بإصدار القوانين اللازمة التي تحمي المؤلف وابتكاره، وإن كنا نرى أن من له الحق الأصيل في النشر هو صاحب الفكرة الأساسية كونه المبدع الأول الذي وضع نواة المحتوى.