المقالات

الحماية القانونية لإبداعات العقل البشري الفكرية

أولى المشرع لإبداعات العقل البشري الفكرية حماية قانونية تحميه من كل معتدٍ على ما قد يصل إليه العقل البشري من إبداع وتكفل القانون بحماية إبداعاته والتصرف فيها والتمتع بثمارها الاقتصادية، وهذا كان محل اهتمام عالمي، وقد ورد مفصلاً باتفاقية ستوكهولم التي أنشئت بموجبها المنظمة العالمية للملكية الفكرية عام 1967 التي اعتبرت جميع إبداعات العقل البشري محمية بقوة القانون، وتعد حماية حقوق الملكية الفكرية حقاً من الحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إذ نصت المادة 27 من هذا الإعلان على الحق في الاستفادة من حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة على تأليف أي مصنف علمي أو أدبي أو فني، وعلى غرار ذلك فقد أولى المشرع الكويتي أيضاً ووفر لإبداعات العقل البشري ما يحميها وفق الوارد بالقانون رقم 64 لسنة 1999 والقانون رقم 75 لسنة 2019 بشأن حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
الا أنه وبالآونة الأخيرة أطلت علينا ظاهرة الذكاء الاصطناعي وهو تخصص في علم الحاسوب يهدف إلى تطوير آلات وأنظمة بإمكانها استنساخ بعض أعمال المؤلفين، وربما يصل الأمر إلى إعادة إنتاجها بإضافة تعديلات تتيح لها انتشاراً أكبر، ومن هنا طفت أزمة انتهاك حقوق الملكية الفكرية عبر تقنية الذكاء الاصطناعي، خاصة أن كل الاتفاقات الدولية والقوانين الوطنية حول العالم عندما تطرقت إلى مسألة حقوق الملكية الفكرية ومالكيها فإنها تنظر إلى الأشخاص، ومن هنا ظهرت مشكلة مدى أحقية تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التمتع بحقوق الملكية الفكرية فأدى ذلك الى انقسام الآراء، فمنهم من رأى أن حقوق المبدع الأول مصونة لا يمسها أي تحريف أو تعديل أو تطوير لاحق، حيث يظل المبتكر الأول هو الأصل في ظل ان القانون لا يحمي الآلة أو المعدة صاحبة الاستنساخ، ومنهم من يرى أن الشخص الذى جند تلك الآلة واستخدمها له حق الحماية الفكرية وغيرها من الآراء المختلفة.
ونظراً لأن ظاهرة الذكاء الاصطناعي معقدة للغاية بما ندعو معه إلى ضرورة الوقوف على تلك الظاهرة ووضع التعاريف القانونية التي معها يكون المفكر والمبدع بمنأى عن السطو على ما قد يتوصل إليه العقل البشري وهو ما نطالب معه المشرع بضرورة وضع نصوص قانونية خاصة بالذكاء الاصطناعي وأنواعه وحقوق المبتكرين من خلاله والشخصية القانونية له حتى يكون المبدع بمنأى عن السطو على إبداعه من خلال النسخ أو التقليد أو الاستنساخ، خاصة أن دولاً عدة منحت الذكاء الاصطناعي شخصية قانونية مستقلة تتمتع بحقوق وبذمة مالية منفصلة وتترتب عليها مسؤوليات شتى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى