الاقتصاد المصري بين مطرقة التحديات وآمال فرص الاستثمار
تطورات وتحديات كثيرة تحيط بمصر وجوارها الجغرافي المضطرب في قطاع غزة من ناحية والسودان والبحر الاحمر من ناحية اخرى جعلت الاقتصاد المصري ما بين مطرقة التحديات وآمال فرص الاستثمار.وبرغم ما شهده الاقتصاد المصري من تذبذب وضغوطات في السنوات السابقة نتيجة جائحة فيروس (كورونا المستجد – كوفيد 19) واندلاع الحرب الروسية فإن السياسات الحكومية المخططة وبرنامج الاصلاح الاقتصادي الذي بدأ في اواخر عام 2016 اسهمت في تخطي الاثار وتداعيات الازمات بأقل الخسائر.وجاء الاتفاق الاخير مع صندوق النقد الدولي بإعطاء جرعة تمكن البلاد من تنفيذ سياستها الاصلاحية وخطط تحفيز الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص من تولي دفة المشروعات التنموية اذ يتوقع ان يساهم القرض الذي ستحصل عليه مصر من الصندوق والبالغ قيمته 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات من التغلب على المشكلات التي تواجه الخطط الاصلاحية خصوصا التمويل ونقص النقد الاجنبي.وتزامن ذلك مع صفقة (رأس الحكمة) وهي اضخم استثمار مباشر في تاريخ البلاد بقيمة بلغت 35 مليار دولار عززت احتياطي البلاد من العملات الصعبة وقلص حدة ازمة التضخم بعدما وصلت الى مستويات قياسية غير مسبوقة خلفت نزفا كبيرا في قيمة الجنيه الذي تراجع سعر صرفه مقابل الدولار في السوق الموازية الى نحو 70 جنيها مقابل الدولار.وأكد رئيس الوزراء المصري في هذا الصدد أن “هذه الحصيلة الدولارية ستستخدم في حل الأزمة الاقتصادية وستساهم في حل مشكلة النقد الأجنبي في مصر التي تجد صعوبة في توفيره لتأمين احتياجاتها من الواردات وسداد ديونها الخارجية البالغة 165 مليار دولار”.فيما اشار وزير المالية المصري محمد معيط الى ان تدفقات النقد الأجنبي ستتجاوز 20 مليار دولار بعد الاتفاق مع صندوق النقد والمؤسسات الدولية وشركاء التنمية إضافة الى الحزمة المالية المقدمة من الاتحاد الأوروبي المقدرة 4ر7 مليارات يورو والتي ستعزز الاستقرار الاقتصادي.وفي هذا الصدد قال وزير البترول المصري الاسبق المهندس اسامة كمال في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم السبت إن “مصر تمر بتحديات وتغيرات دولية واقليمية غير مسبوقة ولكن لديها نهجا واضحا يتركز على تحقيق الاستقرار وتوسيع مجالات التنمية وزيادة الانتاج المحلي ودعم الاقتصاد”.وأضاف أن “مصر تسير بخطى ثابتة لتحقيق خطتها التنموية الشاملة للخروج من الازمة المالية التي تواجه اقتصادها وتأتي في تدشين المشروعات القومية من بنى تحتية وشبكة نقل ومواصلات تدعم عملية الانتاج وتجذب الاستثمار المباشر كما حدث في صفقة الشراكة بين مصر والامارات (رأس الحكمة) والتي بدورها ستخفض المديونية الخارجية على مصر”.وأوضح كمال أن مصر لديها العديد من الموارد والثروات التي تجعلها تحقق عوائد اقتصادية وتنموية كبيرة مستدامة تحقق الاستقرار للسوق المحلي بما في ذلك الموراد البشرية الهائلة التي تمتلكها اذ أثبتت الاحصائيات ان 60 في المئة من سكان مصر شباب تحت ال40 عاما وهذا يدعمها في مواجهة التحديات وزيادة الناتج المحلي في ظل توافر فرص عمل من خلال التركيز على المشاريع الاستثمارية ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.وأشار إلى أن مصر تمتلك أيضا ثروات طبيعية تتمثل في الموقع الجغرافي المتميز والموارد المائية والثروات المعدنية والطاقة المتجددة فضلا عن مساحات الارض المسطحة المؤهلة للاستثمار المباشر وخلق فرص عمل كثيرة.وطالب كمال الحكومة المصرية بضرورة التركيز على تحسين مناخ الاستثمار من خلال آليات عمل وإجراءات تعيد الثقة موضحا ان ذلك يتوفر من خلال اجراءين هما (توفير الارض وتسهيل الختم) اي تسهيل الاجراءات واعطاء التصاريح اللازمة في وقت قياسي.ومن جانبه قال وكيل اول اللجنة الاقتصادية في البرلمان المصري النائب محمد علي في تصريح مماثل ل(كونا) إن “الدعم الخارجي للاقتصاد عمل على حل مشكلة مؤقتة خاصة بعدم توفير العملة الصعبة لكن يظل الاقتصاد يعتمد على الميزان التجاري للمدفوعات والصادرات والواردات”.وأكد في هذا الاطار أهمية إصلاح الميزان التجاري من خلال زيادة الصادرات ودعم الانتاج الصناعي والزراعي لتحقيق النمو الاقتصادي الاطول امدا والذي بدوره يقلل الفاتورة الاستيرادية ويوفر العملة الدولارية.وشدد علي على ضرورة الاستغناء عن السلع الاستفزازية الكمالية لتوفير الدولار وافساح المجال لتشجيع البدائل المحلية مؤكدا في الوقت ذاته اهمية التركيز على السلع الضرورية التي ليس لها مثيل محلي.وبين أن “مصر اصدرت في هذا الشأن قانون (تفضيل المنتج المحلي) بهدف تقليل الفاتورة الاستيرادية ودعم الصناعة المحلية ودخول صناعات جديدة”.وحول اهمية الدعم الخارجي للاقتصاد المصري قال علي إنه يعمل على تنشيط وتنمية الاقتصاد القومي والمشروعات مشيرا الى مشروعات البنية التحتية التي تجني الدولة ثمارها من خلال طرح اماكن وأراض للاستثمار او للشراكة كما حدث في مشروع (رأس الحكمة) الذي اتاح فرص عمل ووفر عملة صعبة بشكل مستدام من خلال نسبة ال35 في المئة المتفق عليها من صافي الربح.وبالنسبة للاستثمارات المستقبلية المخطط لها من جانب الحكومة اكد علي أن هناك مجموعة كبيرة من الاستثمارات ستعلن مع الدول الشقيقة والصديقة كالسعودية وقطر والصين موضحا ان كل هذا سيكون له مردود اقتصادي كبير.ولفت علي الى ان الايرادات الخارجية للدولة تخفف بدورها من الاقتراض وتقلل من حجم الدين العام سواء الخارجي او الداخلي موضحا ان تكلفة فائدة الدين العام معضلة كبيرة امام الدولة.وقال إن “خدمة الدين العام تفرض تحديات وتقضي على انتاج الدولة وتسبب عجزا في ميزانيتها الاقتصادية” مؤكدا اهمية وضع استراتيجية لخفض خدمة الدين في ابسط صورها حتى لا تكون مؤثرة على الاطلاق.وفيما يتعلق بالاقتراض لتمويل المشروعات طالب علي بضرورة التنوع في تمويل المشروعات من خلال ما يعرف بنظام (حق الانتفاع) او (بي او تي) وهو إحدى الوسائل المناسبة من اجل تمويل المشاريع لفترة زمنية معينة دون المساس بالموازنة العامة ثم تؤول ملكية المشروع الى الدولة.وذكر علي ان هذا ما تم في مشروع خط مترو الانفاق في الثمانينيات موضحا ان هذا النظام يبعد الدولة عن القروض وخدمة الدين ويدعم الاقتصاد امام التحديات.