الصين وأستراليا تواصلان «التطبيع» وبكين تتوجس من «طرف ثالث»
حثّ وزير الخارجية الصيني وانغ يي أستراليا على عدم السماح «لأي طرف ثالث» بتعطيل استقرار العلاقات الثنائية في أول زيارة رفيعة المستوى يقوم بها مسؤول صيني منذ سبع سنوات، حيث يسعى البلدان إلى استعادة العلاقات التي تراجعت خلال حكم المحافظين ووباء كورونا. وقال وانغ خلال اجتماعه مع وزيرة خارجية أستراليا بيني وونغ، إنه يثق في أن «الاستقلال مبدأ أساسي للسياسة الخارجية الأسترالية وتطور العلاقات بين البلدين بعد عقد من التقلبات لا ينبغي أن يتعطل أو يتأثر بتهديدات أي طرف ثالث». واعتبر تحسن العلاقة «نوعاً من الاختراق»، مضيفاً أنه يمكن لأستراليا، من خلال دورها كحليف وثيق للولايات المتحدة وشريك تجاري مهم للصين، أن تلعب «دور الوسيط بين القوى الكبرى». وشدد على أن «تطوير العلاقات الصينية – الأسترالية ليس موجهاً ضد طرف ثالث، ولا ينبغي لأي طرف ثالث أن يتحكم فيه أو يعوقه»، فيما تأتي زيارته لتخفيف التوترات التي اندلعت في عهد الحكومة الأسترالية السابقة، وبلغت ذروتها بفرض الصين رسومات جمركية وعقوبات على منتجات النبيذ والفحم والشعير واللحوم في عام 2020. واتخذت بكين هذه الخطوات بعد أن وقعت أستراليا شراكة أوكوس الأمنية مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لإصلاح استراتيجيتها الدفاعية والتكيف مع التواجد العسكري الصيني. من جهتها، تحدثت وزيرة الخارجية الأسترالية وونغ عن «نقاط مضيئة» خلال المحادثات، وقالت إنها تبادلت «وجهات نظر صريحة» مع وانغ، بما في ذلك بشأن حكم الإعدام الصادر بحق يانغ هينغ جون، وهو مواطن أسترالي تم اعتقاله بتهم التجسس في الصين في عام 2019. وأضافت أنها أثارت مخاوف بشأن حقوق الإنسان في منطقة شينجيانغ غربي الصين، وكذلك في التيبت وهونغ كونغ، و»بشأن السلوك غير الآمن في البحر»، في إشارة إلى حوادث شارك فيها الجيشان الأسترالي والصيني. وأكدت وونغ أيضاً أن بكين دفعت من أجل رفع نهائي للقيود التجارية على لحوم البقر الأسترالية، وأنها ناقشت التقلبات في سوق النيكل، التي تهيمن عليها المناجم المدعومة من الصين في إندونيسيا. في هذا السياق، أوضح الباحث في معهد لوي للأبحاث، ريتشارد ماكغريغور أن الصين تريد «الذهاب أبعد وإضافة المزيد من الثقل إلى العلاقة. إنهم يريدون أن تكون أستراليا أكثر هدوءاً أو صمتاً فيما يتعلق بحقوق الإنسان والقضايا الإقليمية مثل بحر الصين الجنوبي». ومن المقرر أن يقوم الرجل الثاني في الصين، رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ، بزيارة إلى أستراليا في يونيو المقبل، ما يحيي الآمال في تحقيق مزيد من التقدم في العديد من النزاعات التجارية بين الجانبين، حيث من المتوقع أن ترفع الصين الرسومات العقابية على الواردات من النبيذ الأسترالي، بينما أسقطت الحكومة الأسترالية بالفعل شكواها بشأن توربينات رياح صينية الصنع قبل زيارة وزير الخارجية. واعتبر ماكغريغور أنه من المعتاد أن تساند الصين «أصدقائها القدامى» في إشارة إلى رئيس الوزراء الأسترالي السابق بول كيتنغ، الذي يلتقيه الوزير الصيني وانغ اليوم، خصوصاً أنه لم يتوقف عن انتقاد الحكومة الأسترالية الحالية، ولاسيما ما يتعلق بسياستها الخارجية، واتفاقية أوكوس الأمنية. من جانبه، ذكر الأستاذ في مركز الدراسات الأسترالية بجامعة شرق الصين تشن هونغ أنه سيكون من الصعب عودة العلاقات بين البلدين إلى ما كانت عليه في السابق على الرغم من الإشارات الإيجابية. وقال تشن «لا يمكنك أبداً أن تنزل إلى نفس النهر مرتين. العالم يتغير والسيناريوهات الجيواستراتيجية مختلفة تماماً». وأوضح أن الصين تدرك أن أستراليا متحالفة مع الولايات المتحدة، لكن توقيعها اتفاقية أوكوس كانت تحدياً مباشراً لبكين، مضيفاً: «كما يعلم الجميع، تفترض أوكوس أن الصين هي الخصم، لذلك من خلال الانخراط بنشاط في هذه الاتفاقية، فإن أي دولة تضع نفسها على الجانب الآخر من الصين، وتضع الصين في موقف الخصم، وسيؤثر ذلك بالتأكيد على رؤية بكين لهذا البلد». إلى ذلك، نقلت صحيفة «بوليتيكو» عن مصدر مطلع ترجيحه انضمام كندا واليابان حتى نهاية العام الجاري إلى تحالف «أوكوس» الذي يضم أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة. وأشارت الصحيفة إلى أن العمل جارٍ على اتفاقية تسمح لكندا واليابان بتطوير تعاون شامل مع أعضاء التحالف في مجال التكنولوجيات العسكرية، بما في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي، والصواريخ الفرط صوتية. وقال مسؤول من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن للصحيفة: «سنبحث عن فرص لجذب حلفاء آخرين وشركاء قريبين». وأشارت «بوليتيكو» إلى أن نيوزيلندا وكوريا الجنوبية أعربتا في وقت سابق أيضاً عن اهتمامهما بالانضمام إلى»أوكوس». وشكلت أستراليا تحالف «أوكوس» العسكري مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لتطوير ونشر غواصات تعمل بالطاقة النووية، إضافة إلى تعزيز الوجود العسكري في منطقة المحيط الهادئ، وجاءت هذه الخطوة وسط قلق متزايد من قبل الولايات المتحدة وحلفائها بشأن تزايد الإصرار العسكري للصين في المحيط الهادئ.