خارجيات

السودان .. شبح المجاعة يطل برأسه والأوضاع الإنسانية تتفاقم

اعتماد نيوز- صحيفة إلكترونية كويتية شاملة

في غياب حل سياسي يلوح في الأفق القريب بات شبح المجاعة يطل برأسه ليفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان ويثبت أن الصراع والجوع وجهان لعملة واحدة إذ يعزز بعضهما بعضا ولا يمكن حل احدهما بمعزل عن الآخر.
ويواجه النازحون الفارون من النزاع في السودان مآسي متعددة بسبب استمرار العنف وانعدام الأمن ومحدودية الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية. كما يتعرض الأطفال الذين يعانون نقصا في التغذية لخطر اكبر للوفاة بسبب أمراض مثل الإسهال والالتهاب الرئوي والحصبة خصوصا في سياق يفتقرون فيه إلى خدمات صحية حيوية.
وتشير بيانات للأمم المتحدة إلى أن حوالي 25 مليون شخص أي ما يعادل نحو نصف سكان السودان بحاجة إلى المساعدات بينهم نحو 18 مليونا يواجهون انعداما حادا للأمن الغذائي فيما يعيش خمسة ملايين في حالة طوارئ بسبب الجوع.
وفي هذا الإطار يقول المتحدث باسم منسقية النازحين واللاجئين آدم رجال لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) إن طفلا يموت بمعدل كل ساعتين بسبب سوء التغذية الحاد في مخيم (زمزم) للنازحين في (دارفور) غرب السودان.
وأوضح أن 13 طفلا يموتون يوميا في مخيم (زمزم) وحده بسبب سوء التغذية مضيفا “إذا استمرت الحرب يمكن أن نفقد جيلا كاملا بسبب رفض طرفي النزاع فتح ممرات آمنة للمنظمات لإيصال المساعدات الانسانية للمحتاجين بصورة عاجلة”.
وحذر رجال من حدوث مجاعة في مخيمات النزوح بإقليم دارفور التي ظلت تعتمد على المساعدات لنحو 20 عاما مؤكدا أن المساعدات الإنسانية المخصصة للنازحين من برنامج الغذاء العالمي متوقفة منذ 10 أشهر ما ادى لموت عشرات الأطفال والنساء وكبار السن بسبب نقص الغذاء.
وأشار إلى ان الاوضاع الأمنية أدت لنهب وحرق مخزونات المنظمات الإنسانية بما فيها مخازن برنامج الأغذية وتوقف المهن الهامشية التي كانت توفر للنازحين بعض العائدات المحدودة كما ادت لعدم تمكن المجتمعات المستضيفة من زراعة المحاصيل في موسم الخريف الماضي.
ومن جانبه يقول منسق آلية العون الإنساني وهي آلية غير حكومية لتنسيق الجهود الانسانية عمر صالح ل(كونا) ان الامن الغذائي يعتمد على عدة عناصر ابرزها الوفرة الغذائية التي تواجه مشاكل أمنية في ايصال المساعدات ليتم الاستعاضة عنها بالتحويلات المالية المباشرة التي قد تحل المشكلة بشكل مؤقت.
وأضاف “ولان المصائب لا تأتي فرادى تسبب انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت في السودان خلال الايام الماضية في وقف إرسال واستقبال الأموال”.
وأشار إلى أن غرف الطوارئ التي تضم متطوعين عملت على تخفيف الأزمة عبر المساعدة في تشغيل المرافق الصحية وتوزيع سلال غذائية ومطابخ تعاونية في الاحياء تقدم وجبات مجانية إلا أن هذه الغرف تواجه الان عجزا في التمويل يصل لنحو 75 بالمئة فضلا عن مشكلة انعدام السلع الغذائية خاصة مع اقتراب شهر رمضان علاوة على ذلك تسبب انقطاع خدمات الاتصال والانترنت في اعاقة عملها.
وأشار صالح الى تأثير استمرار القتال على الموسم الزراعي مما أدى لاختفاء العديد من السلع وتأثر معسكرات النازحين بشكل اكبر مضيفا ان الأطفال بحاجة لعناصر غذائية محددة حسب اعمارهم خاصة أن نحو 40 بالمئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وسنتين يعانون سوء تغذية.
ونبه الى ان المنظمات والوكالات الأممية خفضت من نشاطها بعد اتساع القتال ونهب مستودعات برنامج الغذاء وتزايد الاعتداء على العاملين حيث قتل ما لا يقل عن 46 من عمال الاغاثة منذ بدء القتال.
من جانبه يقول عضو غرف الطوارئ بشرق النيل وهي إحدى غرف العاصمة يوسف احمد ل(كونا) إن كل المؤشرات في العاصمة الخرطوم تشير إلى ان هناك مجاعة وشيكة ما لم تتوفر ممرات امنة لانسياب السلع التجارية والمساعدات الإنسانية.
ولفت الى انه منذ اندلاع القتال كان الاعتماد على المواد الغذائية المخزنة والتي باتت تنفد وترتفع اسعارها مع الندرة بشكل قياسي تجاوز 100 بالمئة في ظل اتساع القتال وأعمال النهب وصعوبة تدفق البضائع في مناطق الاشتباكات بالعاصمة.
ونبه إلى ان اعداد النازحين بالخرطوم اكبر من التوقعات وفي حال تزايد بعد موجات نزوح عكسية إثر اتساع دائرة القتال وامتداده لولاية الجزيرة ومناطق اخرى مؤكدا انه تم تسجيل حالات وفيات في العاصمة خاصة في المناطق المحاصرة والتي تشهد اشتباكات عنيفة مثل منطقة الفتيحاب جنوب ام درمان.
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من احتمال معاناة 700 ألف طفل سوداني من أخطر صور سوء التغذية خلال العام الجاري مع احتمال وفاة عشرات الآلاف.
وتوفر (يونيسف) للسودان “أغذية علاجية جاهزة للاستخدام” وهي مواد غذائية منقذة للحياة تعالج الهزال الشديد لدى الأطفال دون سن الخامسة وتحث المنظمة على جمع 840 مليون دولار لمساعدة ما يزيد قليلا عن 5ر7 مليون طفل في السودان في 2024. في الاثناء أعلن برنامج الغذاء العالمي ان عبور وكالات الإغاثة لخطوط المواجهة في مناطق الصراع بالسودان “بات شبه مستحيل”.
وقال البرنامج في بيان “نستطيع تقديم المساعدة بانتظام لشخص واحد من كل 10 حاليا في ‎السودان”.
وتسببت الحرب المندلعة منذ الخامس عشر من ابريل 2023 في مقتل ما لا يقل عن 13 ألف شخص وإصابة 33 ألفا فيما فر نحو 11 مليون شخص من بينهم 9 ملايين نازح مما جعل السودان يشهد أكبر أزمة نزوح داخلي على مستوى العالم بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
ودعت الأمم المتحدة الدول إلى عدم نسيان المدنيين الذين يعانون الحرب في السودان وحثت على جمع 1ر4 مليار دولار لتلبية احتياجاتهم الإنسانية ودعم أولئك الذين فروا إلى دول مجاورة.
ووصلت الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء السودان إلى مستويات قياسية.
وتسبب النزاع في زعزعة النظام الصحي حيث تشير التقديرات الى ان ما بين 70 و80 بالمئة من المرافق الصحية في مناطق النزاع لم تعد تعمل وأن تفشي الأمراض بما في ذلك الملاريا والحصبة وحمى الضنك والكوليرا آخذ في الارتفاع بسبب انقطاع خدمات الصحة العامة الأساسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى