محليات

مدينة الكويت وباديتها شكلتا في الماضي ثنائيا متناسقا لتحري هلال عيد الفطر

اعتماد نيوز- صحيفة إلكترونية كويتية شاملة

اختلفت طرق تحري هلال عيد الفطر السعيد وأساليبه في البلاد قديما بين سكان مدينة الكويت وباديتها وفقا للخبرات والموروثات المتراكمة لكنهما شكلا ثنائيا متناسقا أكملا مهمة الاستهلال بعيدا عن علم الفلك الحديث وتقنياته مع عدم وجود مختلف وسائل الإعلام.
وقال المؤرخ والفلكي الكويتي عادل السعدون لوكالة الأنباء الكويتية، اليوم الجمعة، إن استهلال عيد الفطر في الكويت قديما مر بثلاث مراحل الأولى ما قبل انتشار الإذاعة في الكويت والثانية بعد توفر السيارات في القرى البعيدة في أربعينيات القرن الماضي والثالثة بعد انتشار الإذاعة في أغلب بيوت الكويت مطلع الخمسينيات.
وأوضح السعدون أنه قبل انتشار الراديو في مدينة الكويت كان أهل منطقتي (شرق) و(جبلة) يخرجون جماعات للاستهلال وبينهم من لديه معرفة بوقت غروب الشمس والقمر حيث تتوفر لديهم ساعات يضبطونها يوميا بعد غروب الشمس على الساعة 12 وهذا التوقيت يسمى (التوقيت الغروبي) فكان من السهل معرفة موعد غروب الشمس باليوم التالي.
وذكر أن البعض كانت لديه معرفة لإرشاد المترائين عن الجهة التي سيغرب منها القمر لتتوجه أبصارهم إلى موقعه بغية رؤيته وفي حال ثبوت رؤية الهلال أو عدم رؤيته يتوجه كبيرهم وبمعيته عدد من الأفراد الذين رأوا الهلال إلى الحاكم أو القاضي لإبلاغه بالأمر الذي يقبل بدوره شهادة الشهود ويعلن إتمام شهر رمضان أو دخول شهر شوال (العيد) أي أنهم كانوا يصومون أو يفطرون على الرؤية البصرية المباشرة.
وبين أن الرجال المشهود لهم بمعرفة طرق استهلال الهلال كانوا يوجدون دوما ومنذ القدم في كل مهمة استهلال كما كان (الحسابة) الذين يحسبون الأشهر الهجرية يبدأون بالتمهيد لحساب دخول شهر رمضان من بداية دخول شهر رجب ليتأكدوا من موعد دخول رمضان ثم حسبة عيد الفطر لأن الأشهر الهجرية غير متساوية فبعضها 29 يوما وبعضها 30 لعدم توفر التقويمات الفلكية التي تحسب أشهر السنة الهجرية.
وعن القرى خارج مدينة الكويت، أفاد السعدون بأن القرى مثل (الفنطاس) و(أبوحليفة) و(الفحيحيل) و(الشعيبة) و(واره) و(جعيدان) و(الصبيحية) و(الوفرة) و(الجهراء) كانت توفر رجالا يتولون تحري الهلال حيث يصوم ويفطر أهالي تلك القرى على شهادتهم وقد يصدف أحيانا أن تختلف بداية شهر رمضان وعيد الفطر بين القرى وبين مدينة الكويت لبعد المسافات وعدم توفر وسائل الاتصال السريع.
من جانبه، قال الباحث في التراث الشعبي الكويتي أحمد بن برجس لـ(كونا)، إن القبائل التي كانت تقطن في البادية قديما كانت تمتلك دراية كبيرة بطرق النجوم ومعرفة دقيقة بحساب الأيام والأشهر والمواسم بسبب ارتباطها بالأرض والمطر والمواسم وأشكال القمر.
وأضاف بن برجس أن هذا الارتباط جعل من أفراد هذه القبائل خبراء في الرصد والتوقع والمتابعة لدرجة أنه كان بإمكان بعض أفراد القبائل تحديد الليلة التي من المؤكد أن يظهر بها هلال رمضان أو هلال شوال (العيد).
وبناء على ذلك أوضح أن هؤلاء كانوا يستعدون كمجاميع استهلال منذ عصر يوم 29 شهر شعبان أو 29 شهر رمضان وقد اختاروا الموقع والوقت المناسبين ومعظمهم كانوا على دراية ومعرفة بالاستهلال ويمتلكون قوة النظر التي تساعدهم في رؤية الهلال.
وعن تباشير العيد أفاد بأنه كان يتم تحديد الليلة التي يمكن للناس الاستهلال بها للعيد بنفس الطريقة التي حددت بها ليلة استهلال رمضان فالحسابات الفلكية عند البدو تتكرر في كل شهر ولا تخطئ إلا نادرا لذا فإن تحديد الليلة غالبا ما يكون دقيقا لكن المعضلة تكمن أحيانا في الحالة الجوية سواء كانت تسمح بالرؤية أم لا.
وتابع أنه “مع حدوث الرؤية وثبوت الهلال كان صوت إطلاق الرصاص يستمر ساعة لتتمكن كل الفرجان القريبة من سماعه كما اعتادت بعض القبائل على إضرام النار فوق تل أو مرتفع قريب طوال الليل كعلامة على أن غدا سيكون أول أيام العيد السعيد”.
وبين أنه في هذه الأثناء كان أفراد القبيلة يجتمعون ويتسامرون ويتبادلون أطراف الحديث وأخبار وعلوم الأولين وما علموه من أحكام شرعية والعديد من الأخبار والموضوعات.
وأضاف أن بعض أبناء قبائل البادية كانوا يعملون على جمع الحجارة ورصها بطريقة متجاورة كتخطيط للأرض بطريقة مربعة أو مستطيلة مع إبراز منبر في جهة القبلة وفتحة تشبه الباب في جهة الشرق بما يشبه المسجد فيتم فرش المساحة المحددة بالحصير وإبقاؤها نظيفة لصلاة العيد.
وقال إنه “لما كان لعادة التجمع وتناول القهوة مكانة كبيرة في نفوس أهل البادية ونظرا لاقتصارها على الفترة المسائية في شهر رمضان فتقتصر على مجلسين أو ثلاثة في الفريج الواحد من فرجان البادية لكن عدد الضيوف عادة ما يكون كبيرا بالتالي فإن نقل الأخبار المتعلقة بالتجمع للاستهلال أو الإعلان عن العيد تكون متوفرة للجميع بسبب تداولها في مكان محدود وبتجمع كبير”.
وأوضح بن برجس أنه لم يكن لدى أبناء البادية وسائل دقيقة لتحديد موعد الإفطار إذ لم يكن المذياع قد عرف بعد كما أن مدفع الإفطار لم يستعمل في مناطق البادية لذا اعتادوا على تحديد المواقيت اعتمادا على خبرتهم وتوقعاتهم إذ لم تصادفهم غالبا أي مشاكل أو أخطاء في مواعيد الصلوات في فترة الصيف حيث السماء صافية والأرض منبسطة.
وأشار إلى أن المشكلة كانت تكمن في وقت الشتاء أو الربيع والغيوم التي تحجب أشعة الشمس فقد كان مجال الخطأ واردا وهذا ما ينطبق أيضا على ما يتعلق باستهلال الشهر الفضيل والعيد السعيد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى