عقاريون كويتيون: ارتفاعات غير مسبوقة لقطاع العقار السكني في 2021
أكد عقاريون كويتيون أن قطاع العقار السكني في الكويت شهد ارتفاعات غير مسبوقة خلال العام الماضي ما يستدعي التوقف على أسباب هذا الارتفاع ومحاولة معالجة أثاره.
وقال هؤلاء العقاريون في لقاءات متفرقة مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم إن هناك مناطق بعينها شهدت ارتفاعات بنسب تتجاوز 35 في المئة ما أدى إلى تضخم كبير في قيمة الأصول العقارية السكنية في ظل ندرة المعروض من الأراضي.
وذكر المدير العام السابق للشركة الكويتية للمقاصة العقارية طارق العتيقي ل(كونا) أن الأسعار عام 2021 وصلت إلى حدود غير متوقعة مما يستدعي تشخيص سبب هذه الارتفاعات والتي حدثت خلال عام واحد فقط.
ورأى العتيقي أن من أهم أسباب الارتفاع هو دخول شريحة المستثمرين والمضاربين داخل المناطق السكنية وبقوة أكبر من السابق ضاربا المثل في صفقات فعلية تمت في مناطق شرق القرين (المسايل والفنيطيس وأبوفطيرة) إذ قام بعض المضاربين بشراء أراض فضاء خلال شهر يوليو 2021 وبيعها في نوفمبر الماضي محققين عوائد تجاوزت 10 في المئة.
وأضاف أن بيوتا سكنية قائمة بمساحة 375 مترا مربعا في مناطق كاليرموك والخالدية تم شراؤها في شهر مايو الماضي بقيمة 500 ألف دينار كويتي (نحو 6ر1 مليون دولار أمريكي) وإعادة بيعها في شهر أكتوبر 2021 بمبلغ 600 ألف دينار (نحو 9ر1 مليون دولار) أي أن تلك العقارات شهدت ارتفاعا قدره 20 ألف دينار كل شهر لمدة خمسة أشهر “وهذا دليل واضح على دخول المستثمرين والمضاربين في سوق العقار السكني”.
وقال إن دخول المستثمرين وشراءهم بيوتا سكنية له أسبابه التي من أهمها وجود الدعم الحكومي للماء والكهرباء في مناطق السكن الخاص الموجهة أساسا لسكن المواطنين بحيث يستفيد المستثمر من هذه الميزة بعكس القطاع الاستثماري والتجاري الذي لا توجد به هذه الميزة.
وبين أن السبب الأخر الذي يشجع المضارب والمستثمر في توجيه أمواله إلى القطاع السكني هو استغلالهم لمعظم البيوت التي يتم شراؤها كشقق للإيجار بالرغم من أنها تقع في مناطق سكنية لم يكن الهدف الأساس من إنشائها استثماريا ولكن بسبب العوائد المرتفعة التي يحصلون عليها ورخص أسعارها مقارنة بالعمارات الاستثمارية “جعلهم يتوجهون اليها غير عابئين بما ستصل إليه الأسعار”.
وأفاد بأن هناك سببا أخر يجب تسليط الضوء عليه بخصوص الأراضي السكنية الفضاء وهو عدم تطبيق قانون الضريبة على من يتملك أكثر من عقار وأيضا وجود بعض المستثمرين الذين يمتلكون عشرات الأراضي دون عرضها في السوق أو تطويرها ما يؤدي إلى استمرار ندرة الأراضي السكنية المتاحة للبيع وبالتالي ارتفاع أسعارها.
وعن الحلول التي يراها ناجعة في تهدئة أسعار العقار السكني أكد العتيقي أن “تطبيق ضريبة القيمة المضافة على الأراضي السكنية” سيقلل من شهية المستثمرين والمضاربين للدخول في العقار السكني مع رفع الدعم عن الكهرباء والماء للمواطن الذي يتملك أكثر من عقار بحيث يكون الدعم موجها لعقار واحد فقط “وهذا بالتأكيد سيخفف الضغط على الأسعار”.
وأشار إلى وجود حلول أخرى مثل تحرير المزيد من الأراضي السكنية في مناطق جديدة وتسريع المشاريع الحكومية السكنية بحيث يتم توزيع الأراضي الجديدة على المواطنين بوتيرة أسرع تجعل إقامتهم في شقق داخل المناطق السكنية انتظارا لبيت العمر أقل مما يؤدي إلى زيادة الشواغر في تلك الشقق وانخفاض قيمة ايجاراتها وبالتالي هبوط العائد على الاستثمار ونزول أسعار البيوت.
وتوقع العتيقي أن تشهد نهاية عام 2022 ثباتا في أسعار العقار السكني بل وإمكانية انخفاضه بنسبة تبلغ 5 بالمئة في حال رفع أسعار الفائدة على ودائع البنوك المحلية كتأثير مباشر لتوجه البنك المركزي (الفيدرالي) الأمريكي في رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم الحاصل في الولايات المتحدة.
من جانبه قال رئيس الاتحاد الكويتي لوسطاء العقار عبدالعزيز الدغيشم ل(كونا) إن القطاع السكني الخاص سجل خلال الربعين الأول والثاني من 2021 ارتفاعات تجاوزت 1500 دينار (نحو خمسة الاف دولار) للمتر المربع في بعض المناطق لاسيما الواقعة في محافظتي العاصمة وحولي مع صعود أسعار المساحات الصغيرة من السكن الخاص “ومازال الأمر على حاله من هذا الزخم”.
وأضاف الدغيشم أن هذه الوتيرة من الارتفاعات شملت أيضا منطقة (صباح الأحمد البحرية) والتي ارتفعت فيها أسعار القسائم بأكثر من 30 في المئة والتي شهدت طلبا كبيرا عليها خصوصا في المرحلتين (الرابعة) و(الخامسة) خلال الربعين الثالث والأخير من العام الماضي.
وتوقع ثبات أسعار السكن الخاص في 2022 ما لم تطرأ تغيرات كبيرة تؤثر على السوق أهمها طرح مدن إسكانية جديدة في السوق وتفعيل الرهن العقاري مرة أخرى موضحا أن القطاع الاستثماري بعكس السكني شهد هدوءا في التداولات وانسحب الأمر كذلك على قطاعي الصناعي والمخازن فيما اتسم القطاع التجاري بالهدوء النسبي.
وأشار إلى ضرورة وجود أراض جديدة تدخل سوق العقار السكني لكي تستقر الأسعار بل وتنخفض أسوة بما حصل في عدد من الدول الخليجية الشقيقة والتي لم تشهد ارتفاعات “غير منطقية” كما هو حاصل في سوق العقارات السكنية الكويتي.
من ناحيته قال الرئيس التنفيذي لشركة (أمتار العالمية العقارية) علي الكاظمي ل(كونا) إن هناك سببا اخر في ارتفاع أسعار العقار السكني وهو وجود السيولة بالسوق والملاءة المالية لكثير من المستثمرين والمضاربين الذين يرون في العقار السكني فرصة أفضل لتحقيق عوائد على رؤوس الأموال مقارنة بالعقار الاستثماري الذي عانى في الآونة الأخيرة من تداعيات جائحة (كوفيد 19) بعد رجوع الكثير من المقيمين إلى بلدانهم.
وأضاف الكاظمي أنه طالما لا توجد مشاريع إسكانية جديدة أو طرح أراض فضاء لن تكون هناك انخفاضات مؤثرة في سوق العقار السكني مؤكدا وجود القدرة على طرح المزيد من الأراضي في مناطق جديدة شرط وجود البنية التحتية والخدمات التي ينتظرها المواطن.
وأشار إلى ضرورة اشراك القطاع الخاص في حلحلة وضع السوق الحالي الذي يعاني عدم استقرار الأسعار لعدم وجود المطور العقاري القادر على بناء بيوت جاهزة للسكن بحيث يستطيع المواطن أن يشتريها بأسعار معقولة كما هو حاصل في الكثير من الدول المجاورة.
وشدد على ضرورة تحسين بيئة السوق العقاري السكني عبر إيجاد قوانين ولوائح جديدة تصحح مسار السوق مثل إعادة النظر في التقييم العقاري وتأسيس أنظمة فنية جديدة تحدد بشكل دقيق آلية تقييم الأراضي الفضاء والبيوت السكنية “بدل العشوائية في إطلاق أسعار غير منطقية على العقارات السكنية والتي نشهدها يوميا في السوق”.
يذكر أن اجمالي قيمة الصفقات العقارية التي تمت في القطاع السكني خلال 2021 بلغت نحو ثلاثة مليارات دينار (نحو 10 مليارات دولار) موزعة على 9000 صفقة وبفارق كبير عن القطاع الاستثماري الذي سجل نحو 780 مليون دينار (نحو 5ر2 مليار دولار) موزعة على 1140 صفقة وذلك بحسب آخر إحصائيات إدارة التسجيل العقاري والتوثيق في وزارة العدل الكويتية.