عاد فيروس (كورونا المستجد – كوفيد 19) ليهدد أوروبا من جديد فيما حذرت منظمة الصحة العالمية من تسارع وتيرة انتشاره في القارة العجوز وان تصبح بؤرة لتفشي الجائحة التى بدأت قبل اسابيع في موجة رابعة لها على ما يبدو مع ارتفاعات قياسية في معدلات الإصابة ببعض دولها.
وعزت المنظمة العالمية هذا الارتفاع إلى التغطية اللقاحية غير الكافية وتخفيف إجراءات مكافحة (كوفيد 19) اذ تشهد بعض الدول الاوروبية تزايدا ملحوظا في عدد حالات الإصابة لاسيما في ألمانيا وبريطانيا ما دفعها إلى اتخاذ إجراءات جديدة لمواجهة اي ارتفاعات كبيرة محتملة في عدد الوفيات.
ففي برلين ذكرت الحكومة الألمانية أنها تمر “بمرحلة صعبة” في مواجهة تفشي جائحة فيروس (كورونا) وسط ارتفاعات قياسية غير مسبوقة في عدد الإصابات اليومية والوفيات وتزايد الضغط على القدرات الاستيعابية للمستشفيات.
وقال معهد (روبرت كوخ) المعني برصد تفشي فيروس (كورونا) في ألمانيا في بيان يوم الخامس من نوفمبر الجاري إنه تم تسجيل 37120 إصابة جديدة بالفيروس في حصيلة قياسية يومية منذ ظهور الجائحة.
وأعلن المعهد في الثامن من نوفمبر تسجيل 201 إصابة لكل 100 الف مواطن خلال اليوم السابق اذ سجلت المستشفيات الالمانية في ذلك اليوم 15513 إصابة جديدة و33 حالة وفاة مع عدم توفر أرقام من بعض المستشفيات خلال نهاية الاسبوع ليبلغ بذلك العدد الإجمالي للاصابات منذ تفشي الوباء 4782546 إصابة و96558 حالة وفاة.
وأطلقت السلطات المختصة هناك تحذيرات من التساهل في تخفيف اجراءات مكافحة الفيروس الذي عاد للانتشار في الاسابيع الماضية بقوة الى ألمانيا ودول اوروبية اخرى وأوصى وزير الصحة الألماني ينس شبان بتلقي جرعة ثالثة (معززة) من اللقاحات المضادة للوباء لجميع المطعمين عقب 6 أشهر من تلقيهم الجرعة الثانية لاسيما للأشخاص الذين تفوق اعمارهم 60 عاما وموظفي الرعاية والعاملين في المرافق الصحية.
وسعت السلطات المختصة في جميع الولايات الألمانية من اجل التسريع في تلقيح المواطنين الى توفير الحافلات المتنقلة والمراكز اللازمة وتجهيز عيادات طبية من اجل إتمام هذه المهمة اذ بلغت نسبة الملقحين ضد الفيروس في ألمانيا 69 في المئة من عدد السكان الاجمالي البالغ 81 مليون نسمة.
اما بريطانيا فقد سجلت هي الاخرى معدلات إصابة قياسية بفيروس كورونا لم تسجلها منذ شهور في موجة وبائية جديدة مع اقتراب فصل الشتاء وذلك في وقت استبعد رئيس الوزراء بوريس جونسون العودة إلى سياسة الإغلاق الكامل للبلاد لمواجهة هذا الارتفاع.
وفي اطار اجراءات المواجهة اعلنت السلطات الصحية البريطانية في الرابع من نوفمبر الجاري اعتماد اول دواء في العالم (مولنبيرافير) لعلاج اعراض الاصابة بفيروس (كورونا المستجد) حيث يسمح بعلاج المصابين بالعدوى قبل ان تتطور الاعراض لديهم وتسوء حالتهم.
ويعمل هذا الدواء حسب ما اكدته الشركة الأمريكية المصنعة (ميرك) المسماة في بريطانيا (ام أس دي) بالتعاون مع شركة (ريدجباك بايوثيرابوتيكس) الامريكية ايضا على استهداف وتعطيل أحد انزيمات الفيروس التي تسمح له بنسخ نفسه الامر الذي يجعله فعالا أيضا ضد جميع المتحورات.
وفي النمسا قالت وزارة الصحة في السادس من نوفمبر الجاري انها سجلت في اليوم السابق 9943 اصابة جديدة بالإضافة إلى 31 حالة وفاة بسبب الفيروس في حصيلة قياسية يومية للارقام المتعلقة بالعدوى منذ ظهور الجائحة.
وقالت الحكومة النمساوية إنها قررت اتخاذ سلسلة تدابير لمكافحة انتشار الفيروس بينها عدم السماح للأشخاص الذين لم يتلقوا التطعيم بارتياد الاماكن العامة والمطاعم والمقاهي وصالونات الحلاقة والمرافق السياحية وغيرها خلافا لما كان معمولا به سابقا حيث كان يمكن لغير المحصنين ارتياد الاماكن العامة باختبار (كورونا) سلبي.
وأضافت أنها تعتزم كذلك قصر صلاحية شهادة التطعيم على مدة تسعة اشهر فقط من اجل حث السكان على تلقي الجرعة المعززة الثالثة لمواجهة الارتفاع الكبير في عدد الاصابات اضافة الى فرض ارتداء الكمامات الطبية من نوعي (إن 95) أو (اف اف بي 2).
يذكر ان جميع المقاطعات النمساوية تحولت الى اللون الاحمر بسبب الارتفاع الكبير في عدد الاصابات بفيروس (كورونا) وذلك وفقا لنظام الانذار المبكر الذي يحدد درجة خطورة الاصابات في كل منطقة مع العلم بأنه تم تحصين اكثر من 66 في المئة من السكان بلقاحات مضادة للفيروس.
اما الدول الاوروبية الاخرى فإن معدل الاصابة بالفيروس أقل وطأة اذ سجلت ايطاليا على سبيل المثال وبحسب سلطاتها الصحية ارتفاعات طفيفة في معدل الاصابة اليومية واعداد الوفيات مقارنة بالفترة السابقة التي شهدت حالة من الاستقرار.
ورغم تطمينات السلطات بعدم القلق من هذه الارتفاعات خلال فترة اعياد الميلاد لاسيما في ضوء تحصين اكثر من 80 في المئة من السكان لكنها اكدت انها تراقب هذه التطورات بحذر تحسبا لاي طارىء.
وكذلك الحال في بقية الدول الاوروبية من بينها اسبانيا التي سجلت معدلات اصابة يومية غير مقلقة في الوقت الذي سمحت السلطات الصحية هناك بإجراء تجارب سريرية للقاح تطوره شركة (هيبرا) الإسبانية ضد فيروس (كورونا المستجد – كوفيد 19) وذلك لضمان السلامة واكتساب المناعة والفاعلية وستتم المقارنة بين هذا اللقاح ولقاحين آخرين مرخصين في الاتحاد الأوروبي.
ورغم تفاوت معدلات الاصابة في دول اوروبا فإن ارتفاع الاصابات بوتيرتها الحالية كان مثيرا للقلق اذ حذر المدير الإقليمي لمنطقة أوروبا في منظمة الصحة العالمية هانس كلوغه في مؤتمر صحافي من ان استمرار هذا المسار وبنفس الوتيرة دون اتخاذ اجراءات وقائية قد تصل بسببه حالات الوفاة في المنطقة الاوروبية الى نصف مليون حالة بحلول شهر فبراير المقبل.