اقتصاد

نائب رئيس «البنك الدولي»: غياب الرؤية الاستشرافية والتنموية لبعض الدول فاقم تداعيات «كورونا»

اعتماد نيوز- صحيفة إلكترونية كويتية شاملة

قال نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فريد بلحاج اليوم الأحد إن غياب الرؤية الاستشرافية والتنموية لبعض الدول فاقم تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) وزاد من انعكاساتها السلبية اقتصاديا واجتماعيا.
وأضاف بلحاج في لقاء مع وكالة الأنباء الكويتية بمناسبة زيارته إلى البلاد أن وقع الجائحة الصحية كان سلبيا وقويا على اقتصادات العالم ككل إلا أن منطقة الشرق الأوسط ودول شمال إفريقيا الأكثر تضررا إذ ارتفعت نسب الفقر فيها وبلغت القطاعات الصحية في بعض الدول حافة الانهيار.
وأوضح أن التأثيرات السلبية للجائحة على الصعيد الاجتماعي ظهرت جليا بارتفاع نسب الفقر إلى معدلات غير مسبوقة فمثلا “زادت نسبة الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر في لبنان إلى 56 في المئة وفي تونس 21 في المئة”.
ورأى أن عمق التأثير السلبي للجائحة مردة إلى غياب النظرة الاستشرافية والتنموية الواضحة لبعض دول المنطقة وغياب القرار السياسي المتعلق بالإصلاحات فيها مستدركا بأن “الجائحة زادت من التراكمات ولابد من عدم استخدامها كذريعة للوضع الكارثي الذي وصلت إليه بعض دول المنطقة”.
وصنف بلحاج تجارب دول المنطقة مع جائحة (كوفيد 19) إلى فئتين الأولى منهما هي “الدول القادرة والمتفاعلة مع الجائحة بصورة إيجابية مثل المملكة المغربية التي وصل عدد المطعمين فيها إلى 10 ملايين نسمة إضافة إلى دول الخليج”.
وذكر أن الفئة الثانية هي “الدول التي استغرق تجاوبها مع الجائحة والتفاعل معها وقتا أطول ولم تكن على مستوى التحدي لأسباب عدة منها انعدام القرار السياسي أو عدم القدرة على اتخاذ القرارات وتفعيلها”.
ولفت نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أن جائحة (كورونا) تسببت في إيقاف وتعديل وإعادة الجدولة الزمنية للعديد من مشروعات (البنك) ففي حين وجه الدعم للتجاوب مع تداعيات الأزمة على المسارين الطبي والاجتماعي تم العمل على تأمين اللقاحات المضادة للفيروس المستجد وتغيير برامج تمويل البنى التحتية والدخول في برامج لمحاربة الفقر والتغطية الاجتماعية وبرامج للقاحات.
واستدرك قائلا إن جل اهتمام (البنك الدولي) في ضوء الجائحة الصحية العالمية تركز على الإحاطة بالطبقات الاجتماعية الأكثر تضررا إذ تم العمل على تقديم التوصيات والتمويل المباشر لمعظم دول المنطقة باستثناء دول مجلس التعاون الخليجي.
وبين أنه تم تمويل برامج التطعيم والتغطية الاجتماعية ف”على سبيل المثال قدمنا للبنان 246 مليون دولار للتغطية الاجتماعية في بلد يواجه الانهيار وشعب يعاني الفقر”. علما بأن قبول هذا الدعم في حاجة إلى قرار سياسي في لبنان.
وفيما يتعلق بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة في المنطقة قال بلحاج إن “(مجموعة البنك الدولي) وضعت خطة ترتكز إلى ثلاثة مستويات لمواجهة تداعيات الجائحة أولها دعم القطاع الصحي والثاني دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتقديم المساعدة لاستمرارها وعدم انهيارها أما ثالث مستوى فتمثل في مكافحة الفقر والتداعيات الاجتماعية لها”.
ورأى أن “معظم اقتصادات دول المنطقة ترتكز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة وجاء الأثر السلبي للجائحة على القطاع الخاص قويا جدا”.
وأشار إلى أن “مجموعة البنك الدولي لا تزال تركز على ضرورة إعادة النظر في دور الدولة بالاقتصاد والانتقال من دور المهيمنة عليه إلى دور الرقابة والمتابعة إذا ما أرادت امتصاص واستيعاب الأيدي العاملة الداخلة إلى سوق العمل” مستدركا بأن “القطاع الخاص هو القادر على استيعاب الأرقام الكبيرة من الداخلين إلى سوق العمل خلال الفترة المقبلة في حين يعجز القطاع الحكومي عن ذلك”.
وقال بلحاج إنه “بنظرة استشرافية وحتى العام 2050 سيدخل إلى سوق العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نحو 300 مليون شاب” مشددا على أنه “في ضوء النمو الديمغرافي الحالي من المستحيل استيعابهم في الوظائف الحكومية ما يعتبر تحديا وفي الوقت نفسه فرصة لاستخدام الطاقات الشابة في تنويع الاقتصاد وزيادة الإنتاج والإبداع عبر القطاع الخاص”.
وتطرق إلى التعاون مع الصناديق التنموية العربية مثل (الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية) و (الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي) وغيرهما إذ يتم الاجتماع واللقاء معها مرتين سنويا للتنسيق ومعرفة آفاق التعاون خاصة لجهة التمويل المشترك لبعص المشاريع والتنسيق بشأن السياسات التنموية والاقتصادية منوها بالتفاعل الإيجابي مع كافة المؤسسات الاقتصادية العربية التنموية.
وأشاد ببرامج تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين باعتبارها تمثل نصف المجتمع وكذلك القوى العاملة مضيفا أن (البنك) يعتبر تمكينها ومساواتها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية من الموضوعات المهمة ومحورا رئيسا في برامجه.
وحول مبادرة تسريع إتاحة أدوات مكافحة كورونا (كوفاكس) وتوزيع اللقاحات على الدول النامية قال بلحاج إنها لم تكن على مستوى الطموح رغم أن فكرتها كانت ريادية مشيرا إلى عدد من المبادرات التي تصب في نفس السياق لجهة تأمين اللقاح للدول الفقيرة.
وأشار إلى أن (البنك الدولي) خصص أكثر من 5ر1 مليار دولار لعمليات التطعيم ضد الفيروس المستجد وهو على استعداد لتخصيص مبالغ إضافية لهذا الغرض رغم أن “المشكلة تتمثل في توفر اللقاح لا في تمويله”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى