رحيل عبدالرزاق العدساني… «حافظ التراث الكويتي»
– بدر بورسلي: رحل «صديقاً فاضلاً» وحافظاً للتراث الكويتي
– أنور عبدالله: فقدنا قامة كبيرة… وأستاذاً في شعر التفعيلة
– أحمد الجميري: تعاونت معه بأغنية سامرية «يا من على فرقا الحبايب»
برحيل الشاعر العم عبدالرزاق محمد العدساني، فقدت الكويت واحداً من أبرز شعرائها وملحنيها، بعد مسيرة قدم خلالها إسهامات رائدة في التجربة الثقافية الكويتية في مختلف المجالات… رحل عن 85 عاماً، تاركاً وراءه سيرة عطرة وسلسلة طويلة من المخزون الثقافي والفني الذي ما زال يرفد منه المتبحرون في الشعر والفن.
ولد العدساني في العام 1936 بحي الصالحية، وبدأ تعليمه في المدرسة القبلية، وأكمل الثانوية بالمدرسة المباركية، وعمل في بدايات حياته بدائرة الأشغال ثم انتقل للعمل في دائرة المعارف.
وأصدر الشاعر العدساني العديد من المؤلفات الشعرية كان أولها «ديوان العدساني»، إضافة إلى مؤلفاته الأدبية مثل كتاب «شاعر الأطلال محمد بن لعبون – حياته وشعره»، وكتاب «شاعر البحر الكويتي ومبتكر فن القلطة ضويحي بن رميح الهرشاني حياته وشعره».
أما فنياً، فقد درس الشاعر العدساني الموسيقى وألّف فيها الكثير من الأوبريتات والأغاني الدينية والوطنية والعاطفية التي تغنّى بها كبار المطربين في الكويت ودول الخليج العربي، إذ كان تعلقه بالفن منذ الطفولة بحضوره حفلات السامري والعرضات ويحفظ كلمات الأغنيات الشعبية وألحانها.
وأوّل لحنين غنائيين قدّمهما العدساني في بداية مشواره غناهما المرحوم عبداللطيف الكويتي الأول سامري بعنوان «ناح الحمام وهيج المفجوع بغناه» من كلمات عبدالله الفرج، والثاني بعنوان «راحا ليالي الطرب» من كلمات فهد بورسلي، إذ تم تسجيلهما في تلفزيون الكويت وأذيعا من دون ذكر اسم الملحّن بالاتفاق بين العدساني والكويتي والفنان أحمد الزنجباري. أما الأغنية التي انطلق منها العدساني كملحّن وعرفه الجمهور والنقاد والمهتمّون بالفن كانت بعنوان «من شاف العريس» التي غناها الفنان عبدالمحسن المهنا، وكانت عبارة عن بيتين من التراث واللحن قديم، حيث قام الراحل ببناء جديد عليها وتقديمها بشكل حديث.
حفاظ على اللهجة
«الراي» تواصلت مع عدد من منتسبي المجال الغنائي ممن حظوا بفرصة التعاون معه أو معرفته عن قرب، وفي البداية، لم يُخفِ الشاعر القدير بدر بورسلي خسارته على الصعيد الشخصي لـ«صديق فاضل»، مؤكداً أنه حظي بشرف اللقاء مع العدساني في مقابلة تلفزيونية تم بثها قبل سنوات على تلفزيون الكويت، «وقد عرفته لطيفاً وهادئاً ومسالماً، ويحب الجميع من دون استثناء».
ومضى بورسلي يقول: «على الصعيد الفني، يُحسب للعدساني حفاظه على اللهجة الكويتية في كل عمل يقدمه، حتى في ألحانه وموسيقاه نجد الروح الكويتية الأصيلة حاضرة فيها، ولا شك أن برحيله انطفأت منارة ثقافية وفنية، لطالما أشاعت النور على تراثنا وموراثاتنا».
باحث في التراث
من جهته، عبّر الملحن القدير أنور عبدالله عن حزنه لرحيل العدساني، «والذي برحيله فقدنا قامة كبيرة في مجال الشعر والتراث والموسيقى». ولفت إلى أن الفقيد لم يكن شاعراً فذاً وحسب، بل هو باحث في التراث وملحن كبير أيضاً.
وأضاف: «كما كان أستاذاً ومتخصصاً في شعر التفعيلة، وسيبقى منارة ثقافية لا تنطفئ حتى وإن غادر دنيانا، حيث قدم العديد من القصائد، كما لحّن العشرات من الأوبريتات الغنائية التي أثرت الفن الكويتي».
وأوضح عبدالله أنه التقى العدساني في مناسبات شتى، إلا أن الظروف حالت دون التعاون بينهما في عمل فني.
وختم قائلاً: «رحم الله الشاعر العدساني وأسكنه فسيح جناته».
روح تراثية
أما الفنان البحريني أحمد الجميري، فقال: «أولًا عظم الله أجر الكويت في رحيل أحد عمالقة من حافظ من خلال أشعاره وألحانه على الروح التراثية في الكلمة واللحن الكويتي المرتبط بأغاني السامري والبدوي بأنواعه المختلفة، وقد تشرفت بمعرفته من خلال الشاعر محمد تنيب الذي ربطتني به صداقة أثمرت عن أغنية سامري نقازي غنيتها من كلمات محمد تنيب وألحانه تحمل عنوان (يا من على فرقا الحبايب) وتقول كلماتها (يا من لعينٍ على فرقا الحبايب تسهر الليل/ تسهر تراعي نجوم الليل من غيبة قمرها/ أنوح نوح الحمام تزايد نوحها حيل/ تبكي وتندب ليالي طيفها جوها وسهرها)… عظّم الله أجر أولاده وأهله، الله يرحمه ويغفر له».